/في زاوية دافئة من هذا العالم المثقل بالخذلان، اجتمع النور بمن عَبَروا الظلمة.
استقبل الفنان الكبير محمد صبحي، في بيته الذي اتسع بالحب والصدق، الدكتور كمال الحسيني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سيدة الأرض، والأسيرة المحررة إسراء جعابيص، التي خرجت من نار الأسر كما تخرج الروح من محنة الجسد: متطهّرة، عالية، وأقرب إلى السماء.

كان اللقاء أشبه بتجلٍّ…
تجلٍّ لإنسانية لا تزال تؤمن أن فلسطين ليست جرحًا سياسيًا، بل صلاةٌ مستمرة، تهمسها أرواح الشهداء، وتتنفسها حناجر الأحرار.
إسراء، بوجهها الذي ارتسمت عليه الندوب كآياتٍ من سفر التضحية، لم تكن ضيفة، بل كانت رسالة.
وجودها في بيت محمد صبحي لم يكن عبورًا عابرًا، بل لحظة اكتمال بين فنانٍ لم يخن ضوء البصيرة، وامرأةٍ أبت أن تنكسر ولو احترق الجسد.

محمد صبحي، بروحه النقية، فتح أبواب بيته وقلبه، مؤمنًا أن الفن حين لا ينحاز إلى الضعفاء، يفقد جوهره.
قال كلماته من عمق الروح:
“إسراء ليست فقط قصة أسيرة… بل هي مرآة فلسطين، وسلامها الآتي من تحت الرماد.”
أما الدكتور كمال الحسيني، فكان صوته امتدادًا لنَفَس الأرض… تحدث عن رسالة سيدة الأرض لا كواجب مؤسساتي، بل كحجّة على كل من نسي أن فلسطين وجعٌ مقدّس، لا يجوز أن يُمسّ بالصمت أو بالتجاهل.
في تلك اللحظة، لم يكن هناك جمهور ولا عدسات، فقط أرواح تلاقت في صمتٍ مهيب…
كأن اللقاء كان صلاة، وكأن فلسطين كانت الحاضرة الكبرى، تبارك هذه المودة العميقة، وتهمس:
“أنا بخير، طالما هناك من لا ينسى.”
